كنت عازما الكتابة عن بقية الملفات العراقية الساخنة التي يدور حولها جدل حاد وصراع (ذو طابع طائفي/ إثني) متصاعد شمل كافة المكونات والكتل السياسية العراقية بما في ذلك مجلس الرئاسة العراقية، ورئيس الوزراء العراقي، ومن بينها التعديلات الدستورية والعلاقة بين المركز وأقليم كردستان، وقرار تشكيل مجالس الإسناد (الشيعية) في الجنوب والوسط على غرار مجالس الصحوات (السنية) في بغداد والمحافظات الثلاث، إلى جانب الوضع المتفجر في كركوك والانتخابات القادمة على مستوى المحافظات، ومشروع قيام إقليم أو أقاليم فيدرالية جديدة في الجنوب والوسط، ومناقشة «وثيقة الإصلاح السياسي» التي أقرها مجلس النواب تزامنا مع تصديقه على الاتفاقية الأمنية. غير إن واقعة الحذاء (القندرة بالعراقية) الشهير فرضت نفسها هنا. ما تعرض له الرئيس جورج بوش أثناء المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من هجوم مباغت بفردتي حذاء، مقرونة بتوجيه شتائم قوية من قبل مراسل قناة «البغدادية» منتظر الزيدي أثار ردود فعل واسعة ومتباينة في الداخل العراقي، وفي العالمين العربي والإسلامي وفي العالم على حد سواء. ففي حين نددت به الحكومة العراقية واعتبرته «تصرفاً همجياً مشيناً “. كما ندد به الأكراد، وقد كتب بعض المعلقين المعترضين على ماحدث (وهو تقييم صحيح ومؤكد) بأن حادثة من هذا النوع لو وجهت إلى الرئيس العراقي السابق، أو أي من أركان نظامه، لكلف صاحبه ليس استئصال حياته فقط، بل وأسرته وكامل عشيرته. غير أن موقف الشارع العراقي كان مختلفا إلى حد كبير، حيث اندلعت العديد من المظاهرات في مدينة الصدر والعديد من المدن والمحافظات العراقية كالعمارة والناصرية والفلوجة والبصرة وديالى، مطالبين بإطلاق سراحه ومؤيدين لفعلته ودلالاتها الرمزية والسياسية الموجهة للاحتلال الأمريكي وممارساته في العراق، ورفض الاتفاقية الأمنية ألتي وقعها الرئيس جورج بوش مع رئيس الوزراء العراقي إثر إقرارها من مجلس النواب مؤخرا. وطالب المتظاهرون بالإفراج الفوري عن الزيدي ألذي تحول إلى بطل «وطني» و«قومي» وتصدر خبر «الحذاء الطائر» الصحف، القنوات الإذاعية والتلفزيونية، شبكات الانترنت، كما تناقلته الأجهزة الخلوية على نطاق واسع في عموم المنطقة العربية والعالم، والكثير منها تضمنت التعليقات المتشفية والساخرة، وحوت الجمل الفكاهية والنكات، وإعادة دبلجة مصورة «لعملية الحذاء «. هذه المشاعر العفوية والعاطفية تعبر إلى حد كبير عن حجم الغضب والمرارة والإحباط، التي يشعر بها قطاع واسع وكبير من الشعوب والمجتمعات بما في ذلك النخب في المنطقة العربية/ الإسلامية على اختلاف توجهاتها السياسية والثقافية والمذهبية والإثنية، إزاء السياسة الأمريكية المعادية لمصالح وتطلعات العرب والمسلمين، بمعزل عن تقييم مدى صواب أو خطأ التصرف الذي أقدم عليه الصحفي العراقي من الناحية المهنية والمبدأية. لمداراة الحادث المحرج والمهين فقد أعتبره الرئيس الأمريكي بأنه يعبر عن مدى الشوط الذي قطعه العراق في مجالي الحرية والديمقراطية. في غضون ذلك، أعلن رئيس «جمعية ضحايا سجون الاحتلال الأميركي في العراق» علي القيسي رفع الجمعية 200 دعوى أمام محاكم في الولايات المتحدة ضد رامسفيلد وشركات أمنية أميركية بتهم تعذيب معتقلين عراقيين «في شكل منهجي»، مضيفاً أن «القضاء الفيديرالي قبل 30 دعوى منها حتى الآن».
وقد جاءت تلك الخطوة في أعقاب صدور تقرير للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي تضمن توجيه الاتهام إلى دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق ومسؤولين كبار آخرين بأنهم يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية عما ارتكب من انتهاكات في سجن أبو غريب بالعراق. على صعيد الصحافة العالمية فقد أجمعت تلك الصحف على غرابة النهاية التي كان بوش يرغب في الحصول عليها في العراق خصوصا وأنها الزيارة الرابعة والأخيرة للعراق قبل انتهاء فترة رئاسته فقد اعتبرت صحيفة ذا غاريان البريطانية وتحت عنوان: «النعل والشتائم تنهال على بوش»، أن مثل هذا العمل حافل بالرمزية خصوصا أن قذف الحذاء في وجه الشخص يعتبر في الثقافة العربية إهانة خطيرة، بل إن مجرد رفع النعل في وجه الشخص يعد تعبيراً عن الازدراء. أما صحيفة واشنطن بوست فرأت أن قذف الشخص بالحذاء هو أسوأ إهانة يمكن لعراقي أن يوجهها لشخص ما، مشيرة إلى أنها تدل على أقصى أنواع الاحتقار والازدراء. صحيفة لوبوان الفرنسية أشارت إلى أن هذا الأمر بمنزلة «محاولة اغتيال رمزية»، وقالت الصحيفة إن الرئيس الأميركي كان يريد أن يعود إلى العراق مرة أخيرة ليعلن نصراً ما حتى ولو كان نصراً مراً وهشاً، ولكنه بدلاً من ذلك صار هدفا لمحاولة اغتيال رمزية، وقالت صحيفة ليبراسيون الفرنسية في تعليقها على خبر الحذاء الذي تلقاه بوش، إن الرئيس الأميركي عاش أمس في العراق مغامرة مزعجة، عندما وصف بأنه كلب وألقي في وجهه حذاء وعلقت الصحيفة بأن وصف الشخص بأنه كلب يعتبر شتيمة كبيرة في الثقافة العربية، وكذلك ضربه بالنعل. في كل الحالات يمكن القول (مجازا وبتبسيط) رغم اختلاف الظروف واسم الشخص المحذوف، بأن تاريخ ومسيرة العراق منذ بداية الاحتلال وحتى الآن، يمكن اختزالهما في «نعال» و«حذاء». نستحضر في البداية نعال الكهل العراقي أبي تحسين الذي استخدمه في ضرب وجه وجسد تمثال رأس النظام العراقي السابق إثر سقوط بغداد وهكذا فعل الكثيرمن العراقيين، وقد دخل نعال أبو تحسين التاريخ ووصل سعره إلى أسعار خيالية في المزادات نظراً لقيمته الرمزية، والثاني يتمثل في حذاء منتظر الزيدي، الصحفي العراقي الشاب، الذي سيدخل هو الآخر التاريخ. ويبدو بأن الحذاء أو «القندرة» العراقية أثبت فعاليته باعتباره سلاحا عراقيا مبتكرا، وكأحد وسائل التعبير والاحتجاج (تحت مختلف العناوين) القوية، وسيستمر هذا النوع من السلاح وقد يطور ويحسن من أدائه ودقة تصويبه ومداه، في ظل استمرار تدهور ومعاناة العراق وشعبه، الواقع بين سندان وطأة «الجزمة العسكرية» الثقيلة للاحتلال الأمريكي، و«قندرة» نظام «المحاصصة، الطائفي/ الإثني، الحاكم والمتحكم في بغداد، إقليم كردستان، وباقي المحافظات في الجنوب والشمال، وذلك على حساب مقدرات وثروات وكرامة وأمن وحرية ووحدة ومستقبل الشعب العراقي».
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 147 مسافة ثم الرسالة
وقد جاءت تلك الخطوة في أعقاب صدور تقرير للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي تضمن توجيه الاتهام إلى دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق ومسؤولين كبار آخرين بأنهم يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية عما ارتكب من انتهاكات في سجن أبو غريب بالعراق. على صعيد الصحافة العالمية فقد أجمعت تلك الصحف على غرابة النهاية التي كان بوش يرغب في الحصول عليها في العراق خصوصا وأنها الزيارة الرابعة والأخيرة للعراق قبل انتهاء فترة رئاسته فقد اعتبرت صحيفة ذا غاريان البريطانية وتحت عنوان: «النعل والشتائم تنهال على بوش»، أن مثل هذا العمل حافل بالرمزية خصوصا أن قذف الحذاء في وجه الشخص يعتبر في الثقافة العربية إهانة خطيرة، بل إن مجرد رفع النعل في وجه الشخص يعد تعبيراً عن الازدراء. أما صحيفة واشنطن بوست فرأت أن قذف الشخص بالحذاء هو أسوأ إهانة يمكن لعراقي أن يوجهها لشخص ما، مشيرة إلى أنها تدل على أقصى أنواع الاحتقار والازدراء. صحيفة لوبوان الفرنسية أشارت إلى أن هذا الأمر بمنزلة «محاولة اغتيال رمزية»، وقالت الصحيفة إن الرئيس الأميركي كان يريد أن يعود إلى العراق مرة أخيرة ليعلن نصراً ما حتى ولو كان نصراً مراً وهشاً، ولكنه بدلاً من ذلك صار هدفا لمحاولة اغتيال رمزية، وقالت صحيفة ليبراسيون الفرنسية في تعليقها على خبر الحذاء الذي تلقاه بوش، إن الرئيس الأميركي عاش أمس في العراق مغامرة مزعجة، عندما وصف بأنه كلب وألقي في وجهه حذاء وعلقت الصحيفة بأن وصف الشخص بأنه كلب يعتبر شتيمة كبيرة في الثقافة العربية، وكذلك ضربه بالنعل. في كل الحالات يمكن القول (مجازا وبتبسيط) رغم اختلاف الظروف واسم الشخص المحذوف، بأن تاريخ ومسيرة العراق منذ بداية الاحتلال وحتى الآن، يمكن اختزالهما في «نعال» و«حذاء». نستحضر في البداية نعال الكهل العراقي أبي تحسين الذي استخدمه في ضرب وجه وجسد تمثال رأس النظام العراقي السابق إثر سقوط بغداد وهكذا فعل الكثيرمن العراقيين، وقد دخل نعال أبو تحسين التاريخ ووصل سعره إلى أسعار خيالية في المزادات نظراً لقيمته الرمزية، والثاني يتمثل في حذاء منتظر الزيدي، الصحفي العراقي الشاب، الذي سيدخل هو الآخر التاريخ. ويبدو بأن الحذاء أو «القندرة» العراقية أثبت فعاليته باعتباره سلاحا عراقيا مبتكرا، وكأحد وسائل التعبير والاحتجاج (تحت مختلف العناوين) القوية، وسيستمر هذا النوع من السلاح وقد يطور ويحسن من أدائه ودقة تصويبه ومداه، في ظل استمرار تدهور ومعاناة العراق وشعبه، الواقع بين سندان وطأة «الجزمة العسكرية» الثقيلة للاحتلال الأمريكي، و«قندرة» نظام «المحاصصة، الطائفي/ الإثني، الحاكم والمتحكم في بغداد، إقليم كردستان، وباقي المحافظات في الجنوب والشمال، وذلك على حساب مقدرات وثروات وكرامة وأمن وحرية ووحدة ومستقبل الشعب العراقي».
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 147 مسافة ثم الرسالة